(( 7 ))
روميو وجولييت - Romeo And Juliet
(( 1593 ))
عبارة لا تنسى :
(( ايه روميو ، كيف سميت بروميو ، دع أباك وأرفض إسمك أو اقسم أنني حب حياتك وسأنضو اسم كابيوليت ))
(( ربما يأتي اليوم اتلذي يستطيع فيه هذا الحب أن يطهر الحب الموجود بالقلوب ))
ملخص الأحداث :
فيرونيا .. فيرونيا هنا هي مكان الأحداث مكان الصراع بين عائلتي كابيوليت ومنتاجو ، إنه صراع محتدم لا يتوارى أحدهما عن سفك الدماء وفي وسط هذا الحقد والكراهية تنشأ قصة حب عظيمة بين روميو إبن كبير عائلة مونتاجو و جولييت ابنه كبير عائلة كابيوليت ، فهل يستطيع هذا الحبهذا الحب تغيير نفوس الأبا أم ستتحول إلى قصة مأساوية تضاف إلى السجل الأحمر للعائلتين
تعليق نقدي شخصي :
يمتلأ قلبي الضعيف بالكثير من المشاعر الرومانسية حينما نأتي على ذكر (( روميو و جولييت )) فالمسرحية التراجيدية الخالدة لم تتوقف عند المضمون المسرحي ولم تتوقف عند الكلمات الرائعة بل ضمت كلاهما ، الشئ الوحيد الذي يعيب المسرحية هو ضعف البناء الرومانسي للمسرحية والذي لا يخلق قصة حب ناجحة وليست خالدة ومعصفة كما قدمها الشاعر العظيم ، فالحب من أول نظرة حب هامشي كان من أهم عيوب شكسبير ، وبالعودة إلى أسباب روعة المسرحية فأجد أن الشئ الذي أراد قوله شكسبير هو أن الحب قادر على تطهير القلوب من سوادها المقتم بشكل أو بأخر ، إضافة إلى رسالته الخالدة في كل مسرحياته أن الإنسان لا يستطيع التغلب أبداَ ومهما دبر على تدابير القدر ومن جهه أخرى نجد أن المسرحية تحمل نصوصاَ شعرية من أجمل ما قد يقابلك في قراءاتك .. فقصة شكسبير التي قدمها في مسرحيته قصة
حب خالدة ولكن يعيبها أن أساسها ليس متيناَ ..
(( 6 ))
تاجر البندقية - The Merchant of Venice
(( 1597 ))
عبارة لا تنسى :
(( لقبتني بالكافر وسميتني كلباَ ومصاص دماء وبصقت على معطفي اليهودي وما ذنب جنيته ! ألا ينبغي أن أقول وهل يملك الكلب مال ؟ أم تراني أنحني كالعبيد وأقول أى سيدي الكريم ))
(( الرحمه غير متكلفه تتساقط من السماء كالمطر اللطيف فوق المكان فى الأسفل فتبارك مرتين ..؟؟؟..تبارك الذى يعطى وذاك الذى يأخذ))
(( إن كنا نشبهكم في كل شئ فنحن نشبهكم في الإنتقام أيضاَ .. إذا أساء يهودي إلى مسيحي فكيف يخفف المسيحي كربه ؟ بالإنتقام !! وإذا أساء مسيحي إلى يهودي فكيف يشفي اليهودي غليله ؟ بالإنتقام كذلك .. لن أطبق إلا الشريعة السافلة التي علمتمونا إياها ))
ملخص الأحداث :
أنطونيو و باسينو صديقين حميمين يعيشان معاَ في مدينة البندقية ، وقت أن كانت هذه المدينة تعاني أثار العنصرية المسيحية إتجاه اليهود ، أحد هؤلاء اليهود هو شايلوك الرجل المرابي والذي تربطه بأنطونيو علاقة عداوة وحقد كبيرة بسبب عنصرية أنطونيو المبالغ فيها .. وفي الوقت الذي يحتاج فيه بسانيو 3000 ألاف دينار لكي يتزوج من الفتاة النبيلة بروشيا يضطر أنطونيو أن يقترض هذا المال من المرابي اليهودي إعتماداَ على بضاعته الموجودة بالبحر والتي إقترب وقت ولوجها .. فماذا إذا ضاعت بضاعة أنطونيو بالبحر والمرابي اليهودي شايلوك واضع شرطاَ أنه إذا لم يسدد الدين في الميعاد كان له الحق في رطل من لحم أنطونيو ..
تعليق نقدي شخصي :
(( تاجر البندقية )) أعتبرها شخصياَ أولى مسرحيات شكسبير العظيمة ، نعم قبلها كان هناك (( روميو و جوليت )) ولكن هنا فإن شكسبير يأخذنا في منحنيين مهمين الأول هو تأريخ لتلك المدينة الشهيرة من خلال علاقة هاذين التاجرين والتي إذا أخذناها بشكل موسع قد تشكل لنا الصورة الكبري لفينيسيا هذا الزمان ، فينيسيا الشارع وليس القصور ، فينيسيا العنصرية والوحشية والتجارة الرديئة والربا ، صورة سوداء لفينيسيا التي تعتبر حتى الأن أحد أشهر المدن على مستوى العالم ، والمنحنى الشكسبيري الثاني هو ذلك التاجر اليهودي شايلوك .. هذه المسرحية هي الأولى التي يبتكر فيها شكسبير طريقته المميزة في التحليل النفسي لشخصياته ، نعم هو هنا ليس بعظمة رباعيته الأفضل ولكن إلى حد كبير هو بارع في وصف هذا المرابي ، حالات حقده وكرهه .. سبق أن قلت سابقاَ أن شكسبير يتفاعل مع شخصياته .. هو هنا يكره هذا اليهودي جداَ ولكنه لا يريدك أنت أيها القارئ أن تكرهه فهو يعطي سبباَ وداعي لكل فعل يقدم شايلوك على عمله ، ربما أنت تريده أن يعفي عن أنطونيو ولكن بكلماته التي يقولها وإحساس المرارة الذي ينبعث من صفحات الكتاب يجعلك تتعاطف مع هذا الرجل فهو مجروح وكما وصفه الشاعر العظيم في إحدى الحوارات (( النمر المجروح )) ، هو نمر لأن القوة في ذلك الزمان تقاس بالمال وهو مجروح لأنه يشعر أن ماله لم يعطي له الإحترام .. لم يحافظ له على إبنته ، فشايلوك هو نموذج لضحايا العنصرية بأي شكل ، وبالرغم من كل ما سبق إلا أن يهود اليوم مازالوا يكرهون شكسبير لأنهم لم يروا في شخصية شايلوك كل ما ذكرته فما رأوه هو فقط الجانب السئ وهو أنه مرابي حقود .. ولكن هذا لم ولن يؤثر في شهرة المسرحية والأهم لن يأثر في إنسانية شايلوك التي عرضها شكسبير بصدق رغم أنه يكره اليهود في شخص هذا اليهودي ..
(( 5 ))
أنطونيو وكليوباترا - Antony And Cleopatra
(( 1608 ))
عبارة لا تنسى :
(( وتسأل كليوباترا : إذا كان ما بك حقاَ هو حب .. فقل لي كم تحبني ؟، فيجيبها أنطونيو : ما أفقر الحب الذي يقاس ويحصى ))
(( لسوف توارى إلى جوار حبيبها ولن تعرف الدنيا أعظم منهما زوجاَ ))
ملخص الأحداث :
بعد وفاة قيصر روما العظيم يوليوس ، تقسم الإمبراطورية الرومانية إلى ثلاثة أقسام وتكون مصر الفرعونية من نصيب القائد المظفر مارك أنطونيو وفيما هو جاء إلى مصر كقائد خرج منها كعاشق لأعظم ملكة في التاريخ الملكة كليوباترا ، مما يتعارض مع مهامه كقائد مظفر وعظيم ويدخله في صراع كبير مع القائد أكتافيوس قائد روما ، فالمن سيميل أنطونيو لعقله أم لقلبه أم أن النهاية هي ماساة تاريخية مجسدة بقلم شكسبير ..
تعليق نقدي شخصي :
إن الذي يجعل هذه المسرحية مفضلة عندي كثيراَ سواء من بين مسرحيات شكسبير أو من مسرحيات الأدب الرومانسي بشكل عام هو أنها لا تضع الحب فوق كل شئ ، لا تجعله جميل وردي اللون ، شكسبير هنا لم يقع في نفس خطأه الذي اقترفه قبل عشر سنوات من هذه المسرحية في مسرحيته (( يوليوس قيصر )) ، فهو يؤرخ التاريخ بشكل مثير ولكن دون أن يمس مصداقيته ودون أن يزوره كما حدث في (( يوليوس قيصر )) ، إنه هنا يشكل قصة حب رائعة ولكنه لا ينسى أن طرفيها هما قائد روما العظيم وملكة مصر المظفرة ، الحب هنا عميق والغيرة عميقة والخيانة عميقة ، كلا بطليه ليسوا ملائكة كما في أغلب قصص الحب بل أن الشخص الذي يحاول إنهاء العلاقة ليس شيطان كما في أغلب قصص الحب ، فها هو أنطونيو كان على بعد خطوة من ترك كليوباترا وها هي تتركه في وسط المعركة ولكن ولأن العلاقة بينهم عظيمة فهو لا يتوقف عند هذه الأحداث فلها دوافعها الإنسانية ولكنه يكمل قصة الحب الحذرة من كلا الطرفين وحتى الشخصية المفرقة وهو القائد أوكتافيوس يتناوله شكسبير بشكل عبقري فهو لا يحاول التفرقه لأسباب شخصية بل هو يحاول توحيد هذه المملكة العظيمة بعد أن ظن أن أنطونيو غير جدير بها ، فهو قائد مظفر وعظيم ، وخلال الحروب التي يخوضها أنطونيو ضد أوكتافيوس يظهر شكسبير عبقرية أخرى وهي تصوير هذه الحرب كأنك تراها أمامك على شريط سينمائي كيفية الخوف والشجاعة والتعب وإحساس الخيانة بعبقرية فائقة ، وفي نهاية رائعته المسرحية ينتصر شكسبير للحب أيضاَ ولكن ليس إنتصار ملموس رائع يصل إلى عنان السماء كما في (( روميو و جوليت )) بل بإنتصار بشكل أخر لن يشعره سوى من قرأ المسرحية وهو إنتصار الحب المكسور ..
رباعية شكسبير الذهبية :
نعم هي رباعية ذهبية وأقصد بذلك رباعيته الأشهر والأفضل ((هاملت ، ماكبث ، لير ، عطيل )).. لماذا هي رباعيته الأهم وذلك لأنها أخذت من الإنسان وأحاسيسه منبعاَ أساسياَ ووحيداَ للدراسة ، أخذت منه الجانب السوداوي المظلم بداخله .. أحاسيسه المريضة والغير محسوبة أحياناَ .. هذه الرباعية تجعل كل بطلاَ من أبطالها الأربعة مأساه من المأسي الإنسانية وضعت الظروف هؤلاء الأبطال في مواقف عصيبة تجعله يعتصر ما بين الجائز والمفترض ويتوه بين الصواب والخطأ وكونك تمشي معه خطواتك فأنت أيضاَ ستتوه بداخل هذه المأسي الأربع .. أما السبب في كونها ذهبية لأنها أبدعت في هذه الرأية وهذا التحليل وعلى جانب أخر فهي ذهبية في حياة شكسبير نفسه فقد نقلته من ( الشاعر الكوميدي الرائع : وليم شكسبير ) إلى (( الشاعر المسرحي العظيم : وليم شكسبير )) وحينما أقول أنه لو لم يبقى في تاريخ شكسبير سوى ما بعد 1600 فأنا أقصد بشكل خاص هذه الرباعية ومعهم (( أنطونيو و كليوباترا )) إذا قررنا التعميم .. فلن يبالغ المرء إذا قال أن هذه الرباعية هي من أهم الكتب الأدبية التي تناولت الإنسان ومشاعره وحينما أقول من أهم فأنا أقصد من أهم ثلاثون كتاباَ وبلا أدنى شك هذا إنجاز عظيم لشاعر عظيم مثل وليم شكسبير ..
(( 4 ))
عطيل - Othelo
(( 1601 ))
عبارة لا تنسى :
(( الحذار من الغيرة يا مولاي ! إنها وحش أخضر العينين يعبث بالفريسة التي يقتات إليها ليعذبها ))
(( إنها السبب يا روحي ! إنها السبب ! خطيئتها هي السبب ولن أتفوه بإسمها أمامك أيتها النجوم الطاهرة !ولكني لن أسفك دمها أو أخدش جسدها الناصع هذا ولكن لا مفر من موتها وألا غدرت بغيري من الرجال .. انطفئ أيها النور انطفئ أيها النور ))
ملخص الأحداث :
القائد العظيم عطيل أميرال أسطول البندقية .. هذا القائد المغوار الذي صال وجال كل البلاد يقع أخيراَ في حب ديدمونة ابنة السنيور برابانتيو وها هو يعيش معها أسعد أيام حياته ولكن نيران الحقد تشتعل في نفس أياجو النذل حينما يضم عطيل الفتى الصالح كاسية إلى جيشه ويعينه قائم قام على الجيش ، فيقرر أياجو إشعال نار الغيرة بداخل عطيل بأن يجعله يشك بعلاقة آثمة وقعت بين ديدمونة وكاسيو ..
تعليق نقدي شخصي :
هناك منحنيين في مسرحية (( عطيل )) لم يسلكهما شكسبير سوى في هذه المسرحية ومسرحيته الأخرى (( ماكبث )) ، هاذين المنحنيين هما : تحليل البطل وإظهار الجانب المتناقض بداخله بشكل عبقري و المنحنى الثاني هو تبرير الخطأ من وجهه نظر صاحبه .. فأما المنحنى الأول فقد إتخذه شكسبير مسلكاَ في جميع مسرحياته وأما الثاني فهو لم يسلكه سوى في المسرحيتين المذكورتين (( عطيل و ماكبث )) ..
عطيل هذا القائد الفذ الذي سقط حينما بحث عن السعادة .. لماذا يفكر عطيل في أن ديدمونة قد تخونه وهي تلك الفتاة التي هربت معه وفضلته على والدها .. بالطبع كان لأياجو دور كبير في هذا ولكن الأمر الأهم هو عقده شكسبير الرئيسية وهي كونه أسود البشرة ، نعم لم يذكر شكسبير هذا بشكل صريح ولكنك بداخل صفحات الكتاب ستجد أن عطيل يشعر أن نقصه الوحيد يكمن في أنه من السود .. هؤلاء الذين عوملوا كعبيد لفترة طويلة لذلك فعطيل يشعر أنه عبد ولكن عبد راقي أستطاع أن يحظى بحب الفتاة الجميلة وأن يأثرها بمغامراته ونوادره ولكنه يسقط أمامها بهذه العقدة .. إن الصفحات التي يصور فيها شكسبير معاناة عطيل وتأرجحه ما بين(حبه وثقته لديدمونة وبين عقدته اللونية وبين كلمات أياجو المسمومة) هي لحظات عبقرية ممزقة وفي اللحظة الذي يظن فيها عطيل أنه قد وجد دليل خيانة ديدمونة نشعر براحة هذا الرجل وهدوئه النفسي السريع والذي ينهار حينما يصبح على قرب لحظة واحدة من القتل ..
وعلى جانب أخر نجد أياجو .. هناك أحد المشاهد بالمسرحية يجلس فيها أياجو مع نفسه يخطط لفكرته الدنيئه ، هذا المشهد هو المفضل عندي بالمسرحية .. لماذا ؟ .. لأنه يعبر بعبقرية شكسبيرية عن تلاقي مشاعر الفطرة الخيرة و الشريرة في أنن واحد ، نجد أن هذا الرجل يبرر ويبرر مع أنه لم يطلب منه أحد ذلك ولكنه يفعله ليصبح برئ أمام أياجو نفسه ، يبحث عن الأسباب ويرتب قصص وحكايات حتى لا يصبح حقير أمام نفسه ويجد لنفسه الحق والشرعية الإنسانية فيما يفعل .. فمن عظمه شكسبير في رباعيته عامة و (( ماكبث و عطيل )) خاصة أنه لم ينسى لحظة أنه يتكلم عن بشر حتى وإن كانوا شريرين ، فحتى وإن كان أياجو يخطط أو السيدة ماكبث تفعل إلا أنهم في النهاية بشر لهم مشاعر وإنسانية وطموح ..
(( 3 ))
الملك لير - King Lear
(( 1606 ))
عبارة لا تنسى :
(( شقية أنا يا أبت ! فأنا لا أستطيع أن أزفر من فمي ما يكنه فؤادي ، إنما أحب جلالتك بما يقضي على به الواجب ليس أكثر ولا أقل ! ))
(( لن تعودي !ّ لن تعودي ! لن تعودي ! أبداَ أبداَ أبداَ !!! ))
ملخص الأحداث :
أحد ملوك بريطانيا في زمان بعيد قرر أن يقسم مملكته على بناته الثلاثة وأزواجهن ولكن للأسف فالمقاييس التي بنى عليها الملك حكمه مقاييس متعرجة نابعة من طيبة قلبه وسذاجة عقله فقد قرر الأخذ بمعسول الكلام مما سيوقعه فيما بعد في أشقى سنوات عمره ..
تعليق نقدي شخصي :
أنها مأساه غريبة .. غريبة لأنها أساساَ تبنى على قصة كوميدية ولكنها لا تأخذ من سذاجة العقل وطيبة القلب مادة دسمة للضحك والسخرية من بطلها بل تأخذها كمادة مفطرة ومبكية لما وصل إليه حال الإنسان من جشع وطمع وجحود ، (( الملك لير )) تجعل بداخلك كم من الشفقة لن تجده في كل مسرحيات شكسبير ، إن الشفقة تبدأ من ضحكة أو إبتسامة تتسرب إلى فمك حينما يبدأ هذا الرجل في تقسيم ملكه ومقياسه الذي أتخذه ثم تبدأ ملامح الجدية تأخذ طريقها إليك قبل أن تتحول إلى دموع متحجرة حينما يضع الملك لير تاجاَ من الشوك فوق رأسه ( لا يوجد له علاقة بتاج السيد المسيح ) ، أن الشفقة والدموع لن تجد طريقها اليك نتيجة لشفقة على هذا الرجل أو إبنته الوحيدة المخلصة كورديليا بل ستأتيك لأنك تحزن لما وصلت إليه الغابة البشرية .. عفواَ هذا ليس كلام موضوع تقليدي تكتبه في فترة الدراسة بل هو إحساس صعب وقوي يعتصرك بين صفحات (( الملك لير )) .. كلما يمر هذا الرجل بموقف مع بناته يقدم شكسبير أية في الكتابة المسرحية على كيفية وصف الإحساس ، هذا الرجل يشعر بالخيانة ليس فقط من بنتيه بل من عمر كامل قام بتمضيته يحكم بين الناس ويتوغل بينهم ولكنه لم يستطع التوغل بين بناته ، ذلك المشهد وحينما يقوم لير بوضع تاج الشوك فوق رأسه فهذا ليس بحثاَ عن ملك وكرسي ضائع بل البحث عن عمر كامل ضاع منه ، ربما السبب ليس في طيبته بل في هذا الزمن الأسود الذي يعتبر طيبه قلب شيخ عجوز قارب على الستين نقطة ضعف يمكن إستغلالها وهذا ما قصده شكسبير حينما أضاف لقصة الملك وبناته قصة الدوق جلوستر وابنيه ، فالدوق جلوستر ليس في سذاجة و طيبة الملك لير ولكن أحد أبنائه أستطاع أن يخدعه قبل أن يقتلع عينيه ، إذاَ فالمشكلة ليست في طيبة لير وخفه عقله بل في الزمن الذي عاش فيه ، ذلك الزمان الذي تصبح فيه المادة هي المتحكم الأول في تصرفات البشر ، ذلك الزمان الذي يتعذب فيه شخص مثل لير لأنه ظن بسذاجتع أن الفطرة مازالت منقضية وأن ما يكمن بالقلب يصدر على اللسان ، ذلك الزمان الشكسبيري البشع المستمر معنا حتى ألان ..
(( 2 ))
ماكبث - Macbeth
(( 1606 ))
عبارة لا تنسى :
(( لو أمنت بهذا لدفعك ذلك إلى طلب التاج مع لقب كودور .. ولكن هذه غرائب فكثيراَ ما تنبئنا قوى الظلام بالحقائق لتقودنا إلى دمارنا ، وهي تغوينا بالسفاسف الصادقة لتخوننا في خطير الأمور ))
(( ان أراد القدر أن يجعل مني ملكاَ فلعله يتوجني دون أن أحرك ساكناَ .. فليكن إذاَ ما يكون ))
ملخص الأحداث :
أثناء عودة القائدان المظفران ماكبث وبانكو بعد إخماد ثورة عاتية في بعض أنحاء المملكة الإسكتلندية نحو عام 1000 ميلادياَ يقابلا ثلاثة ساحرات يخبرا كلاَ منهما بنبوءات مختلفة منها أن القائد ماكبث سيكون ملكاَ لإسكتلندا أما بانكو فأبناءه سيكونون ملوك المستقبل .. هذه النبوءه ستجر أنهاراَ من الدماء فهي ستقتل أحد الرجلين بيد الأخر قبل أن تدفع الأخير إلى الجنون والتعاسة الأبدية ..
تعليق نقدي شخصي :
(( أني أخشى سجية نفسك ، فهي تفيض بلبان الرحمة فترتد عن أقصر طريق ، أنك تطلب المجد وقلبك لا يخلو من الطموح ولكنه خالي من الشر الذي لابد أن يصاحب الطموح ، أنت تطلب الغاية السامية بالوسيلة السامية ، ولا ترضى بختل أو خداع ولكنك مع ذلك تطلب الفوز الأثم ))
هذا هو ماكبث .. نعم هذا هو ماكبث الشكسبيري كما صوره شاعرنا العظيم في سطور .. ما أبلغ هذه الكلمات في وصف هذا الرجل قبل أن تلوثه الدماء .. إن هذه المسرحية تعطي صوره حية عن السبب الذي جعل مستقبلنا مخبأ لأنها ببساطة مسرحية عن القدر ومدى الدمار الذي يمكن أن يحدث إذا عرفناه ، وليم شكسبير يأخذ من هذا الرجل مثالاَ للطموح الكبير الأبيض الذي لا يلوثه شئ قبل أن تأتي نبوءة الساحرات والتي تجعله يفكر في كيفية الوصول إلى كرسي الحكم والسؤال الفلسفي الكبير الذي يطرحه شكسبير : هل كان سيصل ماكبث إلى كرسي الحكم إذا لم يعرف بالنبوءة ؟ .. الإجابة التي يطرحها شكسبير ويؤمن بها واحدة هي أن هذا هو القدر وهذه تدابيره ، لم يأتي شكسبير سوى إجابة واحدة وهي أن ماكبث قتل حينما علم بالنبوءة فقدره المرسوم هو أن يعلمها وتسير الحياة على منوالها المرسوم وحتى حينما ذهب ماكبث للساحرات مره أخرى حتى يطمئن على قدره لم يريحه هذا ولم يستطع تعديل أي شئ بداخل قدره المرسوم .. شكسبير في هذه المسرحية يكبح رابضاَ تحت أسسه الدينية والثقافية والإنسانية ومن جهه أخرى فهو يعكس مدى خوف الشاعر من مستقبله ..
الجانب الإبداعي الأخر الموجود بالمسرحية خلاف جانب القدر هو ذلك المتعلق بالسيد والسيدة ماكبث .. فشكسبير يعرض في هذين الشخصين وخصوصاَ السيدة ماكبث صورة حية نابضة بالحياة للطموح القاتل والمدمر والألام النفسية الناتجة مما أقترفوه فالمشاهد التي يصفو فيها ماكبث إلى ذاته وبخاصة قبل إغتيال الملك دنكان هي لحظات معبرة للغاية وتصل كلتا النقطتين الخاصتين بالخير والشر بداخل ماكبث والنقطة التي وقف فيها شكسبير هي بين هذا وذاك فعرض بعبقرية صراع إنسانيته ما بين مستقبل فاخر كملك لإسكتلندا وبين حاضر نقي غير ملوث بالدماء وعلى الجانب الأخر نجد زوجته السيدة ماكبث تنطق بكلمات معبرة تتمنى فيها من ضميرها ألا يؤنبها على ذلك الذي تفكر فيه وتناجي السماء ألا ترجعها عن فعل ما تريده ، من الغريب أن نشعر بكل هذا بداخل مسرحية فالواقع الذي يخلقه شكسبير بقلمه الفذ ليس فقط يجعلك تتعايش معه بل يجعلك جزءاَ منه ، شخصياَ وجدت نفسي بغرفة الحكم حينما دخل ماكبث ووجد شبح بانكو جالساَ على كرسي الحكم فقد شاهدت حواراَ لم يكتب ، تخيلت ماذا يقول ماكبث وكيف تبرر زوجته ، إن الحالة التي وصل إليها صعبة لأنه مازال يملك الضمير (( لن تنام بعد اليوم يا ماكبث .. فقد قتلت النوم )) والغريب أن ضميره يجلده في كل ثانية بالرغم من أنه لا يتوقف عن إراقه الدماء ..
وبنهاية المسرحية ستجد نفسك تشكر الله على أنك لا تعرف ماذا يخبأ لك الغد فربما يخبأ لك خير تصله بشر وربما العكس .. ربما أكون مجنون ولكن هذه هي الحقيقة لقد أعطاني شكسبير إجابة مصوره عن سبب مجهولية الغد أصبحت بعدها لا أنظر إلى غداَ بإعتباره عده ساعات بل بإعتباره حياة قائمة بذاتها لا أرغب أن أخرج منها كمذنب حتى لا أعيش بقية حياتي كما عاشها (( ماكبث )) ..
(( 1 ))
هاملت - Hamlet
(( 1601 ))
عبارة لا تنسى :
(( ليت هذا الجسد الصلد يذوب فيتحول إلى قطر الندى ، ليت الحي القيوم لم يحرم بناموسه قتل النمس ، يا إلهي ! يا إلهي ! ما أضنى هذه الحياة في عيني وما أشدها ابتذالا وتفاهة ، وما أبخسها جزاء ! تباَ لها ! انها لحديقة مسمومة الأعشاب نبتها من بذرتها ، فليس فيها إلا كل ما هو كث في الطبيعة غليظ ))
(( أنسيتني يا هاملت ؟! .. ( لا لا لم أنساك أنت الملكة ، أنتي زوجة أخي زوجك ، أنت أمي بالرغم عني ))
ملخص الأحداث :
الأرواح التعيسة تبقى دائماَ معلقة بين الأرض والسماء وبخاصة المقتولة لا ترتاح حتى يقتص من قاتهلها .. هكذا كانوا يعتقدون في القدم وهذا ما حدث مع شبح هاملت الأب الذي قتله أخيه لكي يتزوج من زوجته ويغتصب عرشه والملك ألان لن يرتاح حتى يقتل الأخ وفي سبيل ذلك يظهر لإبنه هاملت الإبن ويخبره بكل شئ ويطلب منه أن ينهي تعاسته في السماء ولكن ما لا يعلمه الشبح العجوز هو أنه بذلك يقضي على سعادة هاملت في الأرض ..
تعليق نقدي شخصي :
نعم .. نعم .. هي بالتأكيد أفضل مسرحيات وليم شكسبير ، أحياناَ أجد نفسي مفضلاَ ماكبث أو لير أو حتى عطيل ولكن هاملت أشبه بالجذور الرئيسية لأي عبقرية مسرحية قد تقرأها في حياتك ، هنا تجد أن العبقرية الشكسبيرية قد وصلت إلى مداها لأنك وأنت تقرأ ستشعر أن هناك شخص ما مجنون اما هاملت أو شكسبير أو .. أنت ، نعم فالمسرحية قادرة أن تذهب بك إلى الجنون بل أنها قد تجعل منك فيلسوفاَ وبالتأكيد ستأثر فيك وستجعلك أكثر إنسانية ..
شكسبير هنا يأخذ أفضل ما في المسرح اليوناني من وأقصد بذلك رائعتي أسخيلوس وسفوكليس (( مأساة أوريست و أوديب ملكاَ )) ولكن يا أعزائي هذا ليس إقتباس فشكسبير يأخذ فقط الفكرة الرئيسية لأوريست والحب الغريب لأوديب ولكن خلاف ذلك فكل ما تجده هنا هو عبقرية شكسبير الخالصة ..
فتى قتل عمه الذي قتل أبوه وتزوج من أمه .. أنها فكرة وقصة إنتقام عادية وليست جديدة فلماذا كل هذه المؤلفات والأبحاث من روائيين وأطباء وأساتذة علم نفس .. ما هو السر في كون (( هاملت )) هي أشهر مسرحية في تاريخ المسرح العالمي ومن أفضل المسرحيات التي قدمت خلال ثلاثة ألاف عام هي عمر المسرح كما نعرفه اليوم ..
الأمر هو نفسية هذا الفتى .. نعم كانت شكسبير عميقاًَ للغاية خلال عرضه لشخصيات مثل (( شايلوك ، أياجو ، عطيل ، لير ، أدموند ، ماكبث ، السيدة ماكبث .. إلى أخره )) كان عبقرياَ في وصف الحالة النفسية للخير والشر على حداَ سواء ولكن هنا في (( هاملت )) الأمر مختلف لأنه يصنع مسرحاَ غريباَ يختلف تماماَ عن أية نمطية رغم أنه يقبع بكل كيانة بداخل المسرح التراجيدي الصارخ ، (( هاملت )) هي درة المأسي الشكسبيرية لأنك تشعر في النهاية وبعد كل مرة تقرأها فيها أن شكسبير لم يصل إلى حل نهائي بخصوص هذا الفتى وحياته .. تشعر أنك مطالب بأن تطرح أنت الجواب وتكيفه حسب معتقداتك الشخصية وفي كل مرة ستجد نفسك مخطئاَ ليس لخطأ في كتابة المسرحية أو رغبة الكاتب في تشتيت ذهنك وجعلها لغزاَصعباَ بل من الواقعية والإنسانية الشديدة التي تعامل بها الشاعر مع مسرحيته ، إن الأسئلة الدائرة ولا تحوي جواب تدور كلها حول هاملت ، هل كان مجنوناَ أم يصطنع الجنون ، هل يرى شبح والده حقاَ أم أن خياله يطير به عالياَ لأنه يكره عمه ، هل كره لهذه الزيجة تكمن من كره لعمه أم لحبه لأمه حب أوديبي ، لماذا ترك حب أوفيليا ولماذا لم يفكر أن يبتعد بها عن كل هذا التلوث ، هل حينما قتل بولونيوس هل كان يعرف حقاَ أنه بولونيوس أم كان يحسبه كلوديوس وهل كان في هذه اللحظة في قمة عقله أم جنونه ؟؟؟؟؟؟؟؟
إن كم الأسئلة التي قد تقابلك في (( هاملت )) إذ أنت قرأتها بالشكل الصحيح قد يمثل لك أكبر لغزاَ في حياتك المكتبية فكل الإحتمالات ممكنة والحقيقة مجهولة فمأساة هاملت ليست في شبح ظهر له بعد منتصف ليلة ما بل أن مأساته تكمن في رفضه لهذه الزيجة ولشكه في هذا العم منذ البداية وقبل أن يقابل الشبح ..
مع هاملت ستجد أن كل الشخصيات مدانة وكل الشخصيات بريئة وهذا شئ ربما لن تجده كثيراَ ليس في مسرحيات شكسبير وحسب ولكن في جميع مسرحيات الأدب وبجميع لغاته ، فالإدانة هنا ليست كما في تاجر البندقية مثلاَ فهي لا تكمن في قلة إحترام رجل أخر أو بثقه على ثوبه بل أن الإدانة نفسية وكبيرة وربما يكون هاملت هو أكبر برئ وأيضاَ أكبر مدان .. الجميع تتفاوت إدانته حسب مكمن الحقيقة المخيفة .. بدايتاَ من هاملت نجد أن إدانته أو براءته تكمن في حقيقة ما مر به ، عن طبيعة حياته التي عاشها وعن طبيعة الضغوط التي مر بها ، عن طبيعه جنونه وتخيلاته نستطيع أن ندينه أو نبرأه ولكنه في كل الأحوال أكبر برئ وأكبر مذنب .. أما الملك كلوديوس فنحن لا نعرف لماذا فعل ذلك ؟ ربما السبب المباشر هو طمعه في الحكم ولكن أرى أن هناك أسباب أعمق جعلته يفعل ذلك فهذا الرجل الذي رأيناه يصلي ويركع طالباَ المغفرة من الصعب أن يهبط بغرائوه إلى هذا الحد .. والملكة القوية نحن لا نعرف هل حقاَ كانت تعلم بما يدبره أخا زوجها لزوجها هاملت الأب وهل أنكرت لتبرأ ساحتها أمام هاملت وهل كانت صادقة أم أنها مجرد ممثلة بارعة فقط ..
وهكذا ستجد كل شخصيات وأحداث المسرحية وهذا سر عظمتها لن تستطيع أن تطوعها لوجهه نظر واحدة ، شخصياَ لي وجهه نظري وبنيتي الخاصة بكل ما قرأته بهاملت ولكني لم أذكرها هنا بل عرضت الأمر بوجه محايد وذلك لأن عظمة (( هاملت )) وجمالها يكمن في أن تقرأها أنت وتركز مع كل كلمة تقرأها وتحاول أن تخرج بمعتقداتك الخاصة ورأيتك الشخصية لكل ما جرى أمامك خصوصاَ أن الشئ الذي تقرأه وفي يدك ألان ليس مجرد مسرحية بل أعتبره جزء من الحياة تشاهده أنت بجميع الزوايا راغباَ فقط بأن تعرف كيف كان هاملت وكيف كانوا من حوله ..
كلمة أخيرة :
ربما لم يغير وليم شكسبير أو يطرح نمطاَ جديداَ من أنماط المسرح .. ربما تأثيره في النقلات المسرحية ليس قوياَ فهو لم يغير في منهجية المسرح مثلما فعل الشاعر اليوناني العظيم أسخيلوس وهو أيضاَ لم يطرح رأيه جديدة للطبقات المتوسطة كما فعل من بعده النرويجي العظيم هنريك ابسن أو الأمريكي العبقري جورج برناردو شو ولكن عظمة شكسبير تكمن في أنه أقتبس وتعلم من كل من سبقوه وحينما توفى تعلم منه كل من تلوه .. نعم لم يخرج شكسبير خارج النمط التراجيدي والكوميدي والتاريخي ، نعم لم يخرج شكسبير إلى الشارع فأغلب مسرحياته تجدها بين أبنية القصور وبين الطبقة المرفهه من الشعب الجائع ولكن عظمه شكسبير هو أن ما كتبه إستطاع بكوميديته أن يضحك البسطاء وإستطاع بتراجيديته أن يتغلغل بداخل الجميع من أغنى الأغنياء إلى أفقر الفقراء ، فشكسبير وإن لم يخرخ خارج النمط التراجيدي المعتاد فقد طوره أينما تطوير فقد أخذ من الإنسان ومشاعره مركزاَ للدراسة والكتابة والتعبير ، دراسة لا تفرق بين غني وفقير .. قوي وضعيف .. عربي وإنجليزي فقد إستطاع شكسبير بكتاباته وشعره أن يوحد كل هؤلاء تحت راية واحدة هي راية (( الإنسان )) ..
ومع كامل الإحترام لأسخيلوس وسوفوكليس وأوربيدوس وأرسطوفانيس عظماء المسرح اليوناني القديم والذين أسسوا قواعد المسرح وطوروه .. ومع كامل الإحترام إلى بير كورناي وجان راسين الذين أستمروا في هذه المسيرة ، وأيضاَ مع كامل الإحترام لكل من أتوا بعد شكسبير من الألماني جوته وحتى الأمريكي أرثر ميلر ..
سيظل وليم شكسبير دائماَ أعظم شاعر مسرحي في تاريخ الأدب العالمي وستظل مسرحياته الأربعة (( هاملت ، ماكبث ، الملك لير ، عطيل )) باقية أبد الدهر كمجموعة من أفضل المسرحيات التي قدمها المسرح العالمي وسيظل شكسبير دائماَ معنا نابضاَ بالحياة طالما هناك من يقرأ له حتى ألان وحتى ألف عام للأمام ..